الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
76106 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم اللعان

...............................................................................


الآيات التي بعدها تتعلق باللعان؛ وذلك لأنها لما نزلت الآيات في قوله تعالى : وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وجد أن هناك بعضا من المنافقين، وبعضا من المتساهلات، يدخلون على النساء في حال غفلة النساء ، أو في حال غيبة رجالهن أو نحو ذلك؛ فخيف أنه يقع فعل الفاحشة.
ذكروا أن سعد بن عبادة رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ جاء وقال: كيف نثبت يا رسول الله وهكذا قال: أنا أعلم أنها حق، ولكن إذا رأى الرجل مع امرأته رجلا؛ كيف يذهب يأتي بأربعة شهداء ؟. إذا ذهب ليحضرهم فإن هذا الفاجر يقضي وطره، ثم يهرب. فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم. في رواية أنه قال: لو رأيت مع امرأتي رجلا لضربتهما بالسيف غير مصفح؛ أي: ضربتهما بحده. فقال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه، والله أغير منا يعني: أقره على هذه الغيرة. سعد بن عبادة قال بعض الصحابة: إنه لم يطلق امرأة فيتجرأ أحد أن يتزوجها؛ من شدة غيرته، مع أنه قد طلقها لا يتجرأ أحد على الزواج بها.
ثم حدث أن رجلا اتهم امرأته، فسأل ابن عم له يقال له: عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال: يا عاصم سل النبي صلى الله عليه وسلم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها. فقال عاصم لعويمر ما أتيتني بحل. فقال: عويمر إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فجاء وسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال: إن الله قد أنزل فيك، وفي صاحبتك قرآنا فجاءت المرأة وتلاعنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، ولما تمت الملاعنة قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، ثم طلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم. هذه واقعة .
وقعت واقعة أخرى شبيهة بها لهلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم في حديث كعب بن مالك وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا قذف أيضا امرأته برجل يقال له شريك بن سحماء ؛ رمى امرأته بأنه زنا بها شريك فعند ذلك أيضا تلاعنا على ما ذكر في هذه الآية، فبدأ بالرجل فقال: اشهد على نفسك أربعا وأشر إلى المرأة فقال: أشهد بالله على امرأتي هذه أنها قد زنت. كرر ذلك أربعا؛ فلما كانت الخامسة قال: اتق الله فإنها الموجبة فأقدم وقال: لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين؛ لعن نفسه إن كان من الكاذبين.
جاء دور المرأة؛ أمرها بأن تشهد؛ فشهدت وقالت: أشهد بالله على زوجي هذا أنه من الكاذبين فيما رماني به، فلما جاءت الخامسة قال لها: اتقي الله فإنها الموجبة وفي رواية: أمر من يضع يده على فمها؛ أمر امرأة أو نحوها، ثم إنها تلكأت قليلا ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم؛ فأقدمت وقالت: غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ قيل في بعض الروايات أنه وعظهما قبل ذلك، وقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب لا شك أنه صحيح أن أحدهما كاذب، ولكن الله تعالى هو الذي يعلم؛ فكان يذكرهما ويعظهما قبل البدء في الأيمان؛ رجاء أن يتراجع أحدهما إذا كان كاذبا، فلما أقدم كل منهما على الشهادات فرق بينهما.

line-bottom